مؤمن الجندي يكتب: بالونة مزدوجة منذ 14 دقائق

الكلمات ليست مجرد أصوات تخرج من الحنجرة، بل هي مفاتيح تفتح بها أو تغلق أبواب القلوب… والأفعال ليست مجرد حركات عابرة في مسرح الحياة، بل هي رسائل مشفرة تبعثها باطن النفوس. ومحتويات العقل الخفية! لكن المشكلة الأكبر تكمن عندما تتعارض الكلمة مع معناها، والموقف مع جوهره، فيصبح أداة للغموض والازدواجية، تحمل معنيين متناقضين، أحدهما منصوص عليه والآخر ضمني.

مؤمن الجندي يكتب: عندما تتلاشى الألوان

مؤمن الجندي يكتب: قائد على حافة الانفجار

عندما يكون الإنسان في موقع المسؤولية، فإن كل كلمة يقولها وكل قرار يتخذه، تكون له تداعيات تتجاوز نفسه وتمتد إلى حياة الآخرين. وهنا يكمن خطر الازدواجية. أن تبتسم في وجه الجمهور بينما تخطط لخلق عاصفة خلف الكواليس، أو تتظاهر بالحكمة أثناء خلق الأزمات، أو تتحدث عن الخير مع تمهيد الطريق للمكائد، أو حتى عكس ذلك كله.

فالمسؤولية لا تقتصر على اتخاذ القرار، بل تتعدى التفكير العميق في أبعاده وعواقبه! القرار كلمة، والكلمة موقف، والموقف حياة. إذا كان الشخص المسؤول غير قادر على التفكير العقلاني، عليه أن يستعين بمن يستطيع! إذا كان من الصعب عليه الاستعانة بمن يساعده، فعليه التزام الصمت وتجنب إثارة الإثارة من وقت لآخر.

أصبح إمام عاشور، لاعب النادي الأهلي، بطل أزمة جديدة من أزمات “الترند” التي ألقت بظلالها على الساحة الرياضية بعد احتفاله المثير للجدل بهدفه أمام سموحة. وقام اللاعب بوضع بالون على فمه ونفخه احتفالا، وهو تصرف بسيط على وجهه، لكنه أثار موجة واسعة من الانتقادات بسبب اللون الأبيض للبالون، والذي يعتبره الكثير من المشجعين إشارة إلى نادي الزمالك نادي اللاعب السابق! واتخذت عاصفة الانتقادات هذه منحى أوسع على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث انقسمت الآراء بين من رأى في الأمر استفزازا متعمدا، ومن رأى فيه عملا عفويا دون أي دلالات.

الشوائب ذات المعاني المزدوجة

ورغم أن إمام عاشور أوضح لاحقا أنه لم يقصد أي إساءة أو لفتة، بل كان مجرد احتفال اتفق عليه مع ابنته، إلا أن الموقف يكشف أهمية أن يكون اللاعبون واعيين ومسؤولين في تصرفاتهم، خاصة في بيئة مشحونة عاطفيا مثل الرياضة المصرية. ! الاحتفال بالأهداف حق قانوني، لكن يجب أن يبقى في إطار الروح الرياضية، بعيدا عن التفسيرات التي قد تفتح أبواب الجدل.

ويجب أن يدرك عاشور أن كونه لاعباً في نادٍ كبير مثل الأهلي يضعه تحت المجهر، وعليه أن يكون حذراً في تصرفاته مستقبلاً لتجنب أي مواقف تحمل معنيين يمكن أن يثيرهما ويؤججهما غضب الجماهير. الخلافات إذا أراد الإنسان المسؤول أن يكون مصدراً للإلهام والإصلاح، فعليه أن يوازن بين أقواله وأفعاله، ويخلص أقواله وأفعاله من شوائب ذات المعاني المزدوجة.

وفي النهاية المسؤولية ليست ترفاً أو خياراً، بل هي واجب يتطلب عمق الفكر ونقاء النية! إذا كنت شخصًا مسؤولًا ولا تستطيع التفكير بوضوح، فلا عيب في طلب المساعدة من شخص يساعدك. ومع ذلك، إذا اخترت الطريقة السهلة للعب بالكلمات وخلق الأزمات، فاعلم أنك تترك وراءك إرثًا من الدمار. والتي يمكن أن تتبعك حتى بعد غيابك.

الكلمة سلاح، والموقف حياة، والصمت حكمة… اختر بحكمة، لتحفظ الكلمة، ويحفظ الموقف، ويعم السلام.

للتواصل مع الصحفي مؤمن الجندي اضغط هنا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top