مؤمن الجندي يكتب: الحقونا منذ 5دقائق

في ليلة ساكنة، تحت سماء مليئة بالدعاء والرجاء، وقف رجل بين حشود الحجاج في المسجد الحرام بمكة، حيث ارتفعت الأصوات بالتكبير والتصفيق، وتوحدت القلوب على الطهارة والخشوع… ولكن، وفي غمرة تلك الروحانية رفع يديه إلى السماء ليسأل الله… لا رزقاً ولا استغفاراً، بل ليصلي من أجل لاعب كرة قدم في الفريق ينافس ناديه !

مؤمن الجندي يكتب : الرحلة الأخيرة

مؤمن الجندي يكتب: بالون مزدوج

مؤمن الجندي يكتب: وصفة للفوضى

مؤمن الجندي يكتب: عندما تتلاشى الألوان

لقد كانت لحظة لا تصدق، أشبه بمشهد سريالي ينتمي إلى رواية خيالية وليس إلى الواقع الذي نعيشه! هنا، في أقدس بقاع الأرض، حيث تتجرد النفوس من أحقادها، ولدت كلمات تحريضية عكست ثقافة مشوهة تجاوزت حدود الملاعب لتخترق القيم والأخلاق.

وقفت برهبة من هذا المشهد: هل وصل الأمر إلى حد الهوس؟ فهل طغى التعصب على العقل حتى انتهك حرمة المكان وأفسد حرمة النفس؟ دعوات لا تعكس الروح الرياضية ولا حتى الإنسانية! وبدأت أسأل نفسي متى وصلنا إلى هذه النقطة؟ كيف يمكن أن يتحول الحماس الرياضي إلى نار تحرق الأخلاق قبل أن تصيب الآخرين؟

الرياضة التي كنا نراها مساحة للمنافسة الشريفة والروح المجتمعية، تحولت في بعض الأوساط إلى حرب خفية، وقودها الجماهير، سلاحها السخرية، ساحاتها التي هي المدرجات والشاشات… إنها ‘ عالم يزداد قتامة، حيث تنقلب الموازين، وتضيع المعاني وتضيع المبادئ وسط زحمة الهتافات.

وفي المقابل، يتحول بعض المشجعين إلى قنابل موقوتة، ينتظرون أدنى شرارة لإشعال الفتنة، معتقدين أن قصف الخطوط الأمامية والاستهزاء بالمنافسين هو السلاح الأمثل لإظهار دعمهم لناديهم كما ينبغي! وفي غياب الوعي يصبح الهتاف في المدرجات أقرب إلى المعركة، والشاشة الصغيرة منصة لحساب النتائج.

هل هناك حل؟

من وجهة نظري، يلعب الإعلام الرياضي دوراً مزدوجاً؛ فهي من ناحية تؤكد على الجوانب الإيجابية للرياضة، لكنها من ناحية أخرى يمكن أن تساهم في تأجيج التعصب من خلال إثارة تحليلات متحيزة أو قضايا مثيرة للجدل دون وعي.

أعتقد أن وسائل التواصل الاجتماعي أصبحت منصة للترويج للسخرية من المنافسين ونشر الكراهية على شكل تعليقات وفيديوهات ساخرة لا نهاية لها، مما يؤجج العداء بين الجماهير، في ظل غياب القوانين الرادعة وضعف الرقابة والعقوبات على السلوك المسيء في أو خارج الملاعب، مما يسمح باستمرار هذه الممارسات.

ويجب على وزارة الرياضة وكافة الأطراف المعنية التدخل الفوري، ليس فقط لمعالجة الظاهرة، بل لاقتلاع جذورها أيضا. ويجب وضع خطة شاملة تتضمن في رأيي ما يلي:

1. إطلاق الحملات التوعوية: نشر ثقافة الروح الرياضية عبر وسائل الإعلام والمدارس والجامعات.

2. العقوبات الشديدة: فرض غرامات أو عقوبات رياضية على الأندية التي تسمح لأنصارها أو لاعبيها بتجاوز حدود الأخلاق.

3. البرامج التأهيلية للاعبين: تدريب اللاعبين على التعامل مع الضغوط والحشود بالشكل المناسب، وتحفيزهم ليكونوا قدوة للجماهير.

4. تنظيم دورات للجماهير: تخصيص ورش عمل لتعليم المشجعين أهمية التشجيع الإيجابي وتأثيره على فريقهم ومجتمعهم.

سأقول هذا الكلام وأتمنى أن يتحرك كل مسؤول في منصبه وأن يحاول العمل بشكل مباشر على الأزمة قبل أن تدمرنا جميعا، ولا ننسى مذبحة بورسعيد! الرياضة مرآة المجتمع، وإذا استمر التعصب في السيطرة فإن الخطر لن يقتصر على الملاعب، بل سيطال النسيج الاجتماعي ككل. ولذلك لا بد من اتخاذ موقف جدي وشجاع لإعادة البوصلة حتى لا نستيقظ يوما ما على كارثة مميتة سببتها مباراة كرة قدم.

وفي النهاية يبقى السؤال: هل تستطيع رياضتنا أن تستعيد وجهها الكريم، أم سنبقى رهينة التعصب الذي يهدد بتدمير كل ما هو جميل لدى المسؤولين، طبقة من الطين وأخرى من العجين؟ انضم إلينا!

للتواصل مع الصحفي مؤمن الجندي اضغط هنا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top