مؤمن الجندي يكتب: مواجهة لا تعرف الرحمة منذ حوالي 3 ساعات

على خشبة المسرح، عندما يلتقي الضوء بالعرق المتقطر، يقف الممثل منتصباً أمام الجمهور وينتظر المعجزات! على أرض الملعب، يصطدم اللاعب بآمال الملايين، وتتضخم كل تمريرة خاطئة إلى صرخة خيبة أمل. أما الضابط في منصب خدمي، فهو يسابق الزمن بين واجب لا نهاية له ونقد لا هوادة فيه، ومواجهة مباشرة مع الأنصار، وهي مواجهة لا تعرف الرحمة في بعض الأحيان.

مؤمن الجندي يكتب: وصفة للفوضى

مؤمن الجندي يكتب : روح مكسورة

عندما يعمل الإنسان أمام الجمهور، تنكشف إنجازاته أمام التصفيق، وتتدمر أخطاؤه! ومهما قدم هؤلاء الممثلون واللاعبون والمسؤولون من تضحيات، يبقى السؤال الذي يراودهم: هل ينسى كل شيء في لحظة؟ الجواب في كثير من الأحيان، نعم!

الجمهور ذو ذاكرة قصيرة، خاصة إذا كانت الخيبة جديدة، أو إذا كان الخطأ استفزازيا. الجمهور يرى المسرح متعة، والملعب انتصارا والخدمة حقيقة، فلا عذر لهم عندما يفعلون. أشعر بخيبة أمل! قد يكون الهجوم نتيجة الإحباط الشخصي الذي يوجهه الجمهور إلى هذه الرموز، أو الشعور بأنهم يتمتعون بالسلطة ولا يستحقون العذر.

بالأمس، في ليلة مليئة بالأهداف والانتصارات، شاهدت الأهلي يسجل فوزا ساحقا بست نقاط على شباب بلوزداد الجزائري في دوري أبطال أفريقيا، لكن هذا الأداء لم يكن كافيا لتهدئة غضب جماهيره! وتحولت المدرجات إلى مشهد من الهتافات الغاضبة التي أصابت اللاعبين في أعماق قلوبهم.

مغامرة رائعة ومؤلمة ومجهر لا يعترف بالخصوصية

ولم تكن هتافات الجماهير مجرد انتقادات، بل كانت بمثابة هجمات لفظية مؤلمة عكست خيبة أمل عميقة تجاه بعض الأسماء في الفريق. يمكن لجماهير الأهلي، المعروفة بحبها الدائم لفريقها، أن تصبح وحشية في لحظات الغضب.

هنا لا بد لي من إرسال رسالة إلى اللاعبين وكل من وظيفته إرضاء الجمهور، يتطلب صبرًا غير عادي. وهذا صبر يكاد يكون بطولياً.. صبراً على الشتائم والإنكار والأحكام الجائرة! قد ينهار الممثل بعد أداء شاق، أو قد يشعر اللاعب أن موهبته عبء وليست نعمة، وقد يترك المسؤول منصبه بحثاً عن راحة لن يجدها. لكن قليل منهم يدرك ذلك الهجوم هو الجانب الآخر من النفوذ! يهاجم الجمهور من يتوقع منهم الكثير، وعندما يهدأ الغضب تعود الأصوات لتذكرهم بما فعلوا.

وفي هذه الحالات، لا يمكن إلقاء اللوم على طرف واحد. الجمهور مخطئ إذا نسي أنهم بشر، لديهم طاقة وحدود. لكن الممثل أو اللاعب أو الضابط يخطئ إذا لم يدرك أن عمله يضعه تحت مجهر لا يعرف الخصوصية. العمل أمام الجمهور مغامرة رائعة ومؤلمة.. مزيج من المجد والهجوم، بين التصفيق والنقد. لكنه يظل جمهورًا، يحب ويكره بنفس القدر من القوة، ينسى ولكنه يعود ليتذكر.

مؤمن الجندي يكتب: عراف الكواكب في شقة “السيباتش”

مؤمن الجندي يكتب: قائد على حافة الانفجار

وفي النهاية فإن كل من يعمل في مهنة عامة تقع عليه مسئولية تتجاوز حدود الوظيفة. هي رسالة قبل أن تكون وظيفة، و أمانة قبل أن تكون منصبا، تصفق يوما وتنتقد يوما آخر، لكنها تبقى المحرك الحقيقي لكل نجاح! ولذلك فإن الصبر على هتافاته، سواء كانت مليئة بالحب أو الغضب، واجب وليس اختياراً! فمن يتسامح مع الجمهور في لحظات السخط هو نفسه من ينال شرف احترامه وتبجيله عندما تهدأ العاصفة.

للتواصل مع الصحفي مؤمن الجندي اضغط هنا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top