مؤمن الجندي يكتب: مراد الانفراد منذ 16 ثواني

ذات ليلة في غرفة الأخبار… جلست على مكتبي في غرفة الأخبار، حيث كان العالم ينبض بالحياة بأصوات الهواتف وصفير الإشعارات، متكئًا على أجهزة الكمبيوتر التي أصبحت مثل أوتار تعزف عليها أيدي المحررين… نظرت حولي لأرى مدى انشغال زملائي بمتابعة الأخبار المتداولة في وكالات الأنباء ومنصات التواصل الاجتماعي. كان الأمر كما لو أنهم موسيقيون يتنافسون على عزف نفس النوتة، لكن كان هناك شيء مفقود في هذا المشهد. ذلك البريق الذي أضاء عيون الصحافيين عندما تحدثوا عن “السبق الصحفي”.

مؤمن الجندي يكتب: مقومات صناعة الأسطورة

مؤمن الجندي يكتب: ما الذي لا يشتريه المال؟

مؤمن الجندي يكتب: بالون مزدوج

مؤمن الجندي يكتب: وصفة للفوضى

تذكرت تلك الأيام مع أستاذي الذي علمني أن الصحافة ليست مجرد أخبار، بل هي فن اكتشاف المجهول. كان يردد دائما “السبق الصحفي هو روح المهنة”، وكان يدخل الأزقة ويجلس ساعات مع الغرباء بحثا عن حقيقة واحدة! في يوم حاسم عملنا على تحقيقه! وعلى الرغم من شكوكي، قادني أستاذي إلى منزل بسيط حيث تحدث بشكل حميمي مع رجل مسن. نقل المعلومات بأمانة.

لكن الزمن تغير مع ظهور الإنترنت وانتشار الأخبار بسرعة البرق، أصبحت المجارف عملة نادرة! وتسارع الصحف إلى نشر ما هو متاح بدلاً من البحث عن ما هو مخفي! إنه أمر يحزنني حقًا على مهنتي وزملائي، فنحن نعيش الآن في عصر الاتفاق، حيث تقدم كل وسيلة إعلام نفس النسخة من القصة.

ولكنني أعتقد أن الفردية الصحفية لم تمت، بل تنتظر من يحييها. يحتاج إلى قلوب شجاعة وعقول حادة لا تخشى التعب، ولا تستسلم للإجابات السهلة. إنها تحتاج إلى من يؤمن بأن الصحافة ليست مجرد مهنة، بل هي رسالة تكشف الحقائق وتعيد ثقة الناس بأن هناك من يبحث عن الحقيقة مهما كان الثمن.

عندما غادرت غرفة التحرير تلك الليلة، قررت البحث عن تلك العزلة المفقودة.. قررت أن أكون صوتا في زمن الصمت، وأن أقدم شيئا مفيدا سيبقى في الذاكرة بعد رحيلي.. وأن أستعيد الصحافة. إلى بريقها الذي تلاشى تحت وطأة العناوين المتكررة والشائعات المتداولة… فما زالت في القلب شغف، وما زالت في الميدان قصص تستحق أن تروى

انتصار القلم المصري

في لحظة مفصلية، كسر محمد مراد، الناقد الرياضي بجريدة اليوم السابع، القواعد السائدة وأعاد الصحافة الرياضية إلى مكانتها المفقودة منذ فترة طويلة، عندما أعلن مراد عن انتقال عمر مرموش إلى مانشستر سيتي الإنجليزي، جاء الخبر بمثابة صدمة إيجابية للجماهير. الجميع، خاصة بعد أن سارعت الصحف الألمانية إلى نفي ذلك، لكن مراد، متسلحا بمصداقيته وثقته بمصادره، صمد في وجه العاصفة! وفي غضون ساعات قليلة انقلبت الأمور، وأكدت كبرى الصحف العالمية صحة الخبر، لتتحول عزلة مراد إلى حديث العالم أجمع. لم تكن تلك اللحظة مجرد مغرفة. بل كان إعلانًا جديدًا أن الصحافة الرياضية في مصر قادرة على أن تكون في قلب الحدث، وتتصدر المشهد بدلاً من الاكتفاء بالمتابعة والبث المباشر.

في النهاية، المصداقية هي جوهر الصحافة، والطريقة الوحيدة لخلق شخصية حقيقية تترك أثرًا، وليس ضجيجًا. الطريق هو العزلة ليست عنوانا جذابا، بل هي رسالة عميقة تؤكد الثقة بين القارئ والصحافة، وتثبت أن المهنة لا تزال تحترم العقل العام وتقدر دورها في كشف الحقائق، وليس خلق الأوهام وليس البيع

للتواصل مع الصحفي مؤمن الجندي اضغط هنا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top